المؤتمر الوطني حول الإعاقة في لبنان: نحو استراتيجية اجتماعية دامجة
نظمت الجمعية الوطنية لحقوق المعاق في لبنان وبالشراكة مع اتحاد جمعيات المعوقين اللبنانيين ومنتدى المعاقين في لبنان الشمالي مؤتمرا وطنيا بعنوان "الاعاقة في لبنان: نحو استراتيجية اجتماعية دامجة"، ضمن برنامج افكار 3 الممول من الاتحاد الاوروبي، بادارة مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية، وذلك لمناسبة اليوم العالمي للاشخاص ذوي الاعاقة في 3 كانون الأول/ ديسمبر 2014 في فندق "الهوليداي ان" - فردان، برعاية وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج ممثلا بمنسقة برنامج "افكار" في الوزارة يمنى غريب ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ممثلا بمستشاره لشؤون الاعاقة الدكتور نواف كبارة.
بداية النشيد الوطني، ثم كلمة نائب رئيس اتحاد جمعيات المعوقين اللبنانيين الدكتور موسى شرف الدين الذي رأى "ان الصعوبات التي تواجه الاشخاص ذوي الاعاقة حول العالم وفي الدول النامية وتعمل على تعجيزهم وتحميلهم مسؤولية ذلك بدأت تتبدد، خصوصاً بعد التطور الكبير في مفاهيم الإعاقة منذ العام 1981 والتحول في الصورة النمطية الطبية التي سكنها الأشخاص ذوي الإعاقة على مدى الازمان الماضية. ولفت الى "ان أرضيات الحماية الاجتماعية تنطلق من مكونات اساسية وتشترك في ارسائها اجراءات من اطراف فاعلة كل في مجاله، كالضمان الاجتماعي والضمان الصحي ونوعية تربية جيدة وفرص عمل وتشغيل، وتعويضات بطالة وتعويضات أمومة وتعويضات شيخوخة ونظم مكافحة الفقر والتمكين من الوصول الى الخدمات كافة، وذلك في اطار دامج يطال كل افراد المجتمع بما فيه الفئات المهددة ومنها الاشخاص ذوي الاعاقة واسرهم".
وأكد "ان اجتماع اليوم هو للتداول في التحديات التي تحول دون تطوير سياسة دامجة لكل قطاعات الاعاقة من خلال التشريع اللبناني والقانون 2000/220 الذي يتطرق الى معظم النواحي المعيشية للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم والذي يوفر الكثير من الخدمات بالرغم من غياب مراسيم تطبيقية اساسية من شأنها تحديد مسؤوليات المرجعيات الادارية في الوزارات المعنية.
وتحدث عن "التقصير الواضح في مجال توفير النقل، لغياب وسائل النقل المؤهلة اضافة الى ضرورة توفير البيئة الميسرة للتنقل في الطرقات والارصفة كما في المنشآت العائدة للمرافق العامة، كذلك في توفير فرص المشاركة السياسية لانعدام فرص الوصول الى صناديق الاقتراع على سبيل المثال وتسهيل مشاركة جميع الاشخاص ذوي الإعاقة في العملية الانتخابية بما في ذلك الاشخاص ذوي الإعاقة الذهنية. والملفت كذلك هو الغياب التام لسياسة تأهيل السجون المكتظة بساكنيها والتي تتطلب اهتماما خاصا نتمنى ان يصار على الاهتمام به".
ثم ألقت السيدة يمنى شكر غريب كلمة الوزير نبيل دي فريج قالت فيها: "أقف هنا معكم، في هذا اليوم العالمي الخاص بالاشخاص ذوي الاعاقة، لأتضامن، من موقعي الرسمي، في فعل شراكة، نسعى خلاله معا الى آفاق جديدة وعملية لقضية الاعاقة. ولعل في هذا المؤتمر الجامع، الذي تنظمه الجمعية الوطنية لحقوق المعاق في لبنان، ما يكفي من دلالات على اصرار اللبنانيين، رسميين وناشطين ومدنيين واعلاميين وغيرهم، على التمسك بالوجه الحقيقي للبنان. لبنان القائم على مبادئ القانون واحترام الحقوق".
اضافت: "نركز على المقاربة الحقوقية، لجهة تطبيق القانون المتعلق بالاشخاص ذوي الاعاقة. نحرص على انضمام لبنان الى الاتفاقية الدولية لحقوق هؤلاء الاشخاص، والتصديق عليها. نعمل لاستراتيجية تسمح بدمجهم في المجتمع. جميعها مؤشرات تعلن: اننا نتمسك بالعيش تحت سقف القوانين، ونلتزم احترام الاتفاقات الدولية، ونعي اهمية التعاطي مع مسألة الحقوق، ومنها حقوق ذوي الاعاقة".
وتابعت: "رغم كل الصعوبات والثغرات الموجودة في تطبيق القوانين المرعية ولا سيما لجهة التشغيل، أرى من وجهة شخصية ان مسألة الاعاقة ليست امام حائط مسدود، بل هي تتمتع بنقاط قوة واضحة. فهذه القضية لا تنطلق اليوم من العدم، بل هي تستكمل مسيرة حقوقية طويلة ابرز محطاتها صدور القانون 2000/220 واقرار مجلس الوزراء، العام 2007، الاتفاقية الدولية لذوي الاعاقة. ( وهي تنتظر التصديق عليها في مجلس النواب).
وأعلنت انها "ليست المرة التي يحتضن فيها برنامج افكار الممول من الاتحاد الاوروبي بإدارة مكتبنا، شؤون الاعاقة". وقالت: "خلال دعمه لاكثر من خمسين مبادرة متألقة للمجتمع المدني، في السنوات الماضية، كان للإعاقة على انواعها أولوية واضحة. لقد دعم البرنامج المشاريع وطاولات الحوار والمؤتمرات الوطنية والتوصيات الصادرة عنها، حتى لامست الوعي الشعبي واثرت في صانعي السياسات. وصدر عن المشاريع، التي مولها برنامج افكار، تطبيقات عملية نموذجية وخطة عشرية لتطبيق القانون 220". واضافت: "لقد اسعدني ان اوقع اخيرا بروتوكول تعاون مع المجلس الثقافي البريطاني، ضمن مشروع ممول من الاتحاد الاوروبي. ويقضي بان يتولى قسم التدريب في مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية، اقامة دورات تعقب لتطبيق مفهوم الدمج في العمل الحكومي. وقد باشر فريقنا تدريبيات تمهيدية ووضع خطط عمل لتنفيذ هذه المهمة".
وتمنت "في انطلاق هذا النشاط، النجاح للجمعية الوطنية لحقوق المعاق ولشركائها، على امل ان تخرج ورش العمل بنتائج ملموسة تفتح الطريق لتقدم جديد في مسألة الاعاقة".
بعدها، ألقى الدكتور نواف كبارة كلمة الوزير رشيد درباس الذي لفت فيها الى "ان ذكرى اليوم العالمي للاعاقة هذا العام تأتي بعد مرور اربعة عشر عاما على اقرار مجلس النواب للقانون 2000/220 الخاص بالاشخاص ذوي الاعاقة، وبعد انقضاء ثماني سنوات على اقرار الجمعية العامة للامم المتحدة للاتفاقية الدولية الخاصة بالاشخاص ذوي الاعاقة".
وقال: "رغم ان لبنان لم يصادق بعد على هذه الاتفاقية، الا ان الحكومة اللبنانية كانت قد وقعت عليها عام 2007، وبالتالي فان الدولة اللبنانية ملزمة، شبه رسميا، بالعمل بمقتضيات هذه الاتفاقية، والحقيقة ان القانون 2000/220 كان قد سبق الاتفاقية بست سنوات وهو في الكثير من بنوده مطابق لنصوص الاتفاقية، الا ان ما يهم ابناءنا من الاشخاص ذوي الاعاقة في هذه المناسبة هو معرفة مدى التزام الدولة اللبنانية بتنفيذ القانون وايصال الحقوق لاصحابها كما جاء في القانون".
اضاف: "كما تعلمون، لقد نجحت وزارتنا والتي كانت المحرك الرئيسي في التحضير والعمل على اقرار هذا القانون في اصدار بطاقة الاعاقة التي يمكن اعتبارها حجر الاساس لتحديد حجم الاحتياجات المطلوب العمل على تلبيتها. فوفق عدد الاشخاص الذين تقدموا للحصول على البطاقة، فان العدد الاجمالي للاشخاص ذوي الاعاقة من حاملي البطاقة حتى يومنا هذا بلغ 88488 شخصا. وقد قامت الوزارة بتقديم اكثر من 56000 خدمة من معينات حركية ولمواجهة السلس والعقر وغيرها في النصف الاول من العام الماضي، كما قامت بتغطية قسم كبير من كلفة الرعاية والتأهيل لما يقارب السبعة آلاف شخص في المؤسسات المتعاقدة. اضافة الى ما يقارب ال 12000 افادة تخول الاستفادة من اعقاءات ضريبية نص عليها القانون".
واشار الى "ان ما ذكرته لا يعني مطلقا ان الوزارة والدولة اللبنانية قد وفيا بالتزاماتهما تجاه الاشخاص ذوي الاعاقة كما جاء في القانون. فحقيقة الامر ان هناك الكثير الكثير الذي يجب القيام به لتأمين حياة كريمة وآمنة لهم ولاسرهم كما اقره لهم المشرعون اللبنانيون. فعلى صعيد وزارتنا، اننا نعي مسؤوليتنا في هذا الاطار واهمها:
1- توسيع خدمات المعينات لتشمل في تقديماتها كل انواع الاعاقة.
2- وضع المعايير والاسس لبرامج الدمج، باعتباره الهدف الرئيسي الذي يجب ان نسعى اليه كما جاء في القانون.
3- تحديث معايير الخدمات في العقود الموقعة بين الوزارة والجمعيات لضمان اكبر قدر من الالتزام بتوفير احدث وسائل التدخل وتأمين الخدمة وعلى اساس احترام كرامة الشخص من ذوي الاعاقة وحقوقه.
4- اعادة النظر في تعريف الاعاقة المعتمدة من قبل الوزارة لتنسجم مع ما جاء في الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة والعمل على ايجاد آلية لصيانة حقوق جميع الاشخاص الذين يعانون، اضافة الى الاعاقة الجسدية او الحسية او العقلية، من صعوبات تمنعهم من عيش حياتهم بكرامة، ولا سيما كل من يعاني من مشاكل اجتماعية ومرضية خصوصا الامراض العصبية والنفسية والادمان وغيرها من الحالات المركبة.
5- التوجه نحو اعتماد السياسات القائمة على مفهوم الحماية الاجتماعية للاشخاص ذوي الاعاقة".
وتابع: "قبل ان اتناول هذه النقاط ، يسعدني ان ابلغكم اننا انهينا العمل بتحضير القرار الخاص باصدار بطاقة الحق بالوقوف للفئات صاحبة الحق بها من الاشخاص ذوي الاعاقة الذي اتطلع الى توقيعه في الايام المقبلة. وسيسمح لنا هذا القرار بالتعاون مع كل المؤسسات العامة والخاصة لتأمين وضمان حصرية المواقف الخاصة المؤهلة للسيارات التي يستعملها الاشخاص ذوي الاعاقة. كما اننا نقوم بالتحضير لتوسيع المعينات المقدمة لتشمل الاعاقات البصرية والسمعية الى جانب توسيع الخدمات المقدمة للاشخاص من ذوي الاعاقة الحركية. والخطوة التالية هي في التحرك لتأمين التكنولوجيا المساعدة في تقديم المعينات من حواسيب متخصصة للمكفوفين والكراسي الكهربائية وغيرها من الحاجات".
وقال: "أما على صعيد الدمج، فقد تم تأليف لجنة لوضع الاسس وتحديد الدور المطلوب من الوزارة بهذا الخصوص واعتقد انه سيتم عرض بعض نتائج عمل اللجنة في مؤتمركم هذا. وفي ما يخص وضع معايير جديدة للخدمات والعقود بين الوزارة ومؤسسات المجتمع المدني، فان الوزارة ستسعى الى اطلاق ورشة عمل مع المؤسسات بهذا الخصوص، لتكون المعايير المقرة نتيجة اتفاق بين الوزارة والجمعيات والمؤسسات، لنلتزم جميعا بتقديم احدث الخدمات والعناية، وضمن اطار قدراتنا المالية والعملانية".
ولفت الى "ان قضية الاعاقة ليست مسؤولية وزارة الشؤون الاجتماعية وحدها، بل ان القانون واضح في تحديد مسؤوليات الوزارات كافة في هذا الاطار. لكنه وبما ان وزير الشؤون الاجتماعية هو الذي يرأس الهيئة الوطنية لشؤون الاعاقة والتي تضم خمسة ممثلين للوزارة من بين اعضائها فانه تقع على عاتقنا كوزارة وبالتعاون مع الهيئة الوطنية لشؤون الاعاقة العمل على الدفع لتأمين التزام كل الوزارات بمسؤولياتها في هذا الخصوص، وفي الكثير من الاحيان القيام بمهمات قد تكون من اختصاصات وزارات اخرى".
وقال: "اننا نتطلع الى تنفيذ التعميم الصادر من الرئيس سعد الحريري عندما كان رئيسا للحكومة بتعيين مندوبين لمختلف الوزارات المعنية لكي يحضروا اجتماعات الهيئة الوطنية لشؤون الاعاقة، لتأمين أكبر قدر من التنسيق والفعالية بتنفيذ البرامج والقرارات. كما اننا ملزمون بالعمل على متابعة حسن تنفيذ قرار كل من وزيري الشؤون الاجتماعية والصحة في الحكومة السابقة المتعلق بتأمين الاستشفاء المجاني لحاملي بطاقة الاعاقة، وطرح موضوع انشاء صندوق خاص بالتأهيل على العمل يمول في تأسيسه من الشركات والمؤسسات التي لا تقوم بتوظيف الاشخاص ذوي اعاقة، كما نص عليه القانون، ولاحقا بحسب حجم المبالغ التي تتطلبها عمليات التأهيل".
وأشار الى موضوع التعليم وتأمينه للاطفال من ذوي الاعاقة"، وقال: "التعليم هو جواز سفر العبور الى حياة كريمة. بناء عليه تدعم الوزارة الكثير من برامج التعليم والدمج المدرسي وكذلك التعليم المهني. كما قامت الوزارة بتوسيع تقديماتها لتشمل الاطفال من اصحاب الصعوبات التعليمية، وسأترك المعلومات والارقام حول هذا الموضوع للاوراق التي ستقدم في هذا المؤتمر، الا انه يسعدني ان ابلغكم بأن الوزارة ستقوم بانشاء المختبر الخاص بتوسيع لغة الاشارة حتى يتسنى لابنائنا الصم الحصول على اكبر قدر من المعرفة والعلم. وسيتم انشاء هذا المختبر بالتعاون مع الاشخاص الصم انفسهم والجمعيات المعنية بالاعاقة السمعية، وتعميم لغة مشتركة للاشخاص الصم في لبنان. كما نتطلع وبالتعاون مع الهيئة الوطنية لشؤون المعاقين ووزارة التربية الى وضع خطة استراتيجية لتعليم الاشخاص ذوي الاعاقة في لبنان. كما لا يغيب عن بالنا ضرورة الشراكة مع وزارة الداخلية لتأمين الحق للاشخاص ذوي الاعاقة بالاقتراع والمشاركة السياسية ، وحق الاشخاص الصم بقيادة السيارات دون تقييد هذا الحق بشروط تتعارض مع نص وروح القانون وواقع ذوي الاعاقات السمعية. كما سنعمل على توسيع المستفيدين من خدمات تخفيضات الجمارك على السيارات المملوكة من قبل الاشخاص ذوي الاعاقة وذلك بالتعاون مع وزارة المالية والمديرية العامة للجمارك".
وختم مؤكدا "ان الوزارة تحترم حق الاشخاص ذوي الاعاقة في المشاركة بكل القرارات التي تعنيهم وهي تقوم بذلك عن طريق الهيئة الوطنية لشؤون الاعاقة، والتي هي الهيئة الوحيدة في العالم التي تقوم على انتخاب اعضائها من الجمعيات والاشخاص ذوي الاعاقة بالاقتراع الحر المباشر".
جلسات العمل
ثم عقدت 4 جلسات عمل تناولت واقع سياسة الاعاقة في لبنان ونقاشاً حول واقع الخدمات للاعاقات المختلفة.
واقع سياسة الإعاقة في لبنان ، كان عنوان الجلسة الأولى التي ترأسها السيد جورج كسانتوبولس مدير جمعية اركنسيال، واستعرض خلالها الدكتور نواف كبارة لواقع الأشخاص ذوي الإعاقة متناولاً التحديات التي تواجههم على مختلف الصعد.
ثم عقدت الجلسة الثانية والتي جرى خلالها نقاش حول واقع الخدمات للإعاقات البصرية والسمعية والذهنية وترأستها الأستاذة يمنى غريب، منسقة برنامج افكار 3. وتحدث خلالها كل من الأستاذة نويل تيان والدكتور حسين اسماعيل والدكتور موسى شرف الدين.تركزت النقاشات حول التقصير في توفير بعض الخدمات لهذه الإعاقات، مدى الحاجة الى تطوير ما هو متوفر.
اما الجلسة الثالثة فقد بحثت في الخدمات المقدمة لإعاقات التوحد والشلل الدماغي والإعاقات الحركية. وتحدث خلالها كل من السيد عماد خشمان والسيدة اسمهان صالح والسيدة ندى اسماعيل. وتناول المحاضرون كل من مجال خبرته وعمله ما هو متوافر من خدمات وضرورة زيادتها وتحسين بعضها.
اما الجلسة الختامية فقد خلصت الى ضرورة تبني الدولة استراتيجية دامجة للأشخاص ذوي الإعاقة. وكانت برئاسة الأستاذة رندة ابو حمدان، المدير العام بالإنابة في وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان. التي اكدت حرص الوزارة على دعم المقاربة الحقوقية في مجال توفير كافة الخدمات لجميع انواع الإعاقات.
تابعنا